فصل: ما نص الشارع على حرمته:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة



.الحلال من الحيوان البري:

والحلال من الحيوان البري المنصوص عليه نذكره فيما يلي: بهيمة الانعام، بقول الله تعالى: {والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون}.
ويقول جل شأنه: {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة الانعام إلا ما يتلى عليكم}.
وبهيمة الانعام هي: الإبل والبقر ومنه الجاموس والغنم ويشمل الضأن والمعز ويلحق بها بقر الوحش وإبل الوحش والظباء، فهذه كلها حلال بالاجماع، وثبت في السنة الترخيص في: الدجاج والخيل وحمار الوحش والضب والارنب والضبع والجراد والعصافير.
عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، فيما رواه مسلم في صحيحه، عن أبي الزبير قال: سألت جابرا عن الضب فقال: لا تطعموه وقذره.
وقال: قال عمر بن الخطاب، إن النبي، صلى الله عليه وسلم، لم يحرمه، إن الله ينفع به غير واحد، وإنما طعام عامة الرعاة منه، ولو كان عندي طعمته.
وقال ابن عباس، رواية عن خالد بن الوليد، رضي الله عنهما، أنه دخل مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على خالته ميمونة بنت الحارث فقدمت إلى رسول الله لحم ضب جاءها مع قريبة لها من نجد، وكان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لا يأكل شيئا حتى يعلم ما هو - فاتفق النسوة ألا يخبرنه حتى يرين كيف يتذوقه ويعرفه إن ذاقه، فلما أن سأل عنه وعلم به تركه وعافه، فسأله خالد: أحرام هو؟ قال: لا، ولكنه طعام ليس في قومي فأجدني أعافه، قال خالد: فاجتررته إلى فأكلته ورسول الله ينظر.
وروي عن عبد الرحمن بن عمار قال: سألت جابر بن عبد الله عن الضبع، آكلها؟ قال: نعم.
قلت: أصيد هي؟ قال: نعم.
قلت: فأنت سمعت ذلك من رسول الله، صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم رواه الترمذي بسند صحيح.
وممن ذهب إلى جواز أكله الشافعي وأبو يوسف ومحمد وابن حزم.
وقال الشافعي فيه: إن العرب تستطيبه وتمدحه ولا يزال يباع ويشترى بين الفا والمروة من غير نكير.
ويري بعض العلماء أنه حرام لأنه سبع، ولكن الحديث حجة عليهم.
وذكر أبو داود وأحمد أن ابن عمر سئل عن القنفذ فتلا: {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه}.
فقال شيخ عنده: سمعت أبا هريرة يقول: ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «خبيثة من الخبائث».
فقال ابن عمر: إن كان قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، هذا فهو كما قال.
وهذا الحديث من رواية عيسى ابن نميلة وهو ضعيف، قال الشوكاني: فلا يصلح الحديث لتخصيص القنفذ من أدلة الحل العامه، وبناء على ما قاله الشوكاني يكون أكله حلالا.
وقال مالك وأبو ثور ويحكى عن الشافعي والليث أنه لا بأس بأكله، لأن العرب تستطيبه ولان حديثه ضعيف. وكرهه الأحناف.
وقالت عائشة في الفأرة: ما هي بحرام، وقرأت: {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه}.
وعند مالك لا بأس بأكل خشاش الأرض وعقاربها ودودها، ولا بأس بأكل فراخ النحل ودود الجبن والتمر ونحوه.
قال القرطبي: وحجته قول ابن عباس وأبي الدرداء: «ما أحل الله فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو».
قال أحمد في الباقلاء المدود: تجنبه أحب إلي، وإن لم يستقذر فأرجو أي أنه لا يكون في أكله بأس.
وقال عن تفتيش التمر المدود: لا بأس به، وقد روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه أتي بتمر عتيق فجعل يفتشه ويخرج السوس منه وينقيه.
قال ابن قدامة: وهو أحسن.
ويرى ابن شهاب وعروة والشافعي والأحناف وبعض علماء أهل المدينة أنه لا يجوز أكل شيء من خشاش الأرض وهو امها مثل الحيات والفأرة وما أشبه ذلك وكل ما يجوز قتله فلا يجوز عند هؤلاء أكله، ولا تعمل الذكاة عندهم فيه.
وقال الشافعي: لا بأس بالوبر واليربوع.
وفي أكل العصافير يقول الرسول، صلى الله عليه وسلم: «ما من إنسان قتل عصفورا فما فوقها بغير حقها إلا سأله الله تعالى عنها قيل: يا: رسول الله، وما حقها؟ قال: يذبحها فيأكلها ولا يقطع رأسها يرمي بها» رواه النسائي.
وأكل بعض الصحابة مع النبي، صلى الله عليه وسلم، لحم الحباري طائر رواه أبو داود والترمذي.

.ما نص الشارع على حرمته:

والمحرمات من الطعام في كتاب الله تعالى محصورة في عشرة أشياء منصوص عليها في قوله سبحانه: {حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالازلام ذلكم فسق}.
وهذا تفصيل للاجمال المذكور في قوله سبحانه: {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به}.
فإنه ذكر هنا أربعة أشياء مجملة، وذكر في الآية السابقة تفصيلها فلا تنافي بين الآيتين.

.ما قطع من الحي:

ويلحق بهذه المحرمات ما قطع من الحي.
لحديث أبي واقد الليثي قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميتة» رواه أبو داود والترمذي وحسنه، قال: والعمل على هذا عند أهل العلم.
ويستثنى من ذلك:
أ- ميتة السمك والجراد فإنها طاهرة لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «أحل لنا ميتتان ودمان أما الميتتان فالحوت والجراد، واما الدمان: فالكبد والطحال» رواه أحمد والشافعي وابن ماجه والبيهقي والدارقطني.
والحديث ضعيف، لكن الإمام أحمد صحح وقفه، كما قاله أبو زرعة وأبو حاتم، ومثل هذا له حكم الرفع، لأن قول الصحابي: أحل لنا كذا وحرم علينا كذا، مثل قوله: أمرنا ونهينا - وقد تقدم ما يؤكد هذا الحديث.
وإذا كانت الميتة محرمة فالمقصود بالتحريم أكل اللحم، أما ما عداه فهو طاهر يحل الانتفاع به.
ب- فعظم الميتة وقرنها وظفرها وشعرها وريشها وجلده وكل ما هو من جنس ذلك طاهر.
لان الأصل في هذه كلها الطهارة، ولا دليل على النجاسة.
قال الزهري في عظام الموتى، نحو الفيل وغيره: أدركت ناسا من سلف العلماء يمتشطون بها ويدهنون فيها، لا يرون به بأسا رواه البخاري.
وعن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: تصدق على مولاة لميمونة بشاة فماتت، فمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «هلا أخذتم إهابها فدبغتموه فانتفعتم به؟ فقالوا: إنها ميتة، فقال: إنما حرم أكلها». رواه الجماعة إلا ابن ماجه، قال فيه عن ميمونة.
وليس في البخاري ولا النسائي ذكر الدباغ.
وعن ابن عباس، رضي الله عنهما، أنه قرأ هذه الآية: {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما} وقال: إنما حرم ما يؤكل منها وهو اللحم، فأما الجلد والقد والسن والعظم والشعر والصوف فهو حلال. رواه ابن المنذر وابن حاتم.
وكذلك إنفحة الميتة وليتها طاهر لأن الصحابة لما فتحوا بلاد العراق أكلوا من جبن المجوس وهو يعمل بالانفحة مع أن ذبائحهم تعتبر كالميتة.
وقد ثبت عن سلمان الفارسي، رضي الله عنه، أنه سئل عن شيء من الجبن والسمن والفراء، فقال: الحلال ما أحله الله في كتابه، والحرام ما حرم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه، ومن المعلوم أن السؤال كان عن جبن المجوس حينما كان سلمان نائب عمر بن الخطاب عن المدائن.
ج- والدم: يعفى عن اليسير منه، فعن ابن جريج في قوله تعالى: {أو دما مسفوحا} قال: المسفوح الذي يهراق.
ولا بأس بما كان في العروق منها. أخرجه ابن المنذر.
وعن أبي مجلز في الدم يكون في مذبح الشاة أو الدم يكون في أعلى القدر قال: لا بأس، إنما نهى عن الدم المسفوح. أخرجه ابن حميد وأبو الشيخ.
وعن عائشة، رضي الله عنها، قالت: كنا نأكل اللحم والدم خطوط على القدر.

.حرمة الحمر والبغال:

ومما يدخل في دائرة التحريم الحمر الأهلية والبغال بقول الله سبحانه: {والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة}.
1- روى أبو داود والترمذي بسند حسن عن المقداد ابن معد يكرب، رضي الله عنه، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه، ألا لا يحل لكم الحمار الاهلي ولا كل ذي ناب من السبع ولا لقطة معاهد إلا أن يستغني عنها صاحبها، ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروه فإن لم يقروه فله أن يعقبهم بمثل قراه».
2- وعن أنس، رضي الله عنه، قال: لما فتح النبي، صلى الله عليه وسلم، خيبر أصبنا من القرية حمرا، فطبخنا منها، فنادى النبي: ألا إن الله ورسوله ينهاكم عنها، فإنها رجس من عمل الشيطان، فأكفئت القدور وإنها لتفور بما فيها رواه الخمسة.
3- وعن جابر، رضي الله عنه، قال: نهانا النبي، صلى الله عليه وسلم، يوم خيبر عن البغال والحمير ولم ينهنا عن الخيل.
والمروي عن ابن عباس أنه أباح الحمر الأهلية، والصحيح أنه توقف فيها وقال: لا أدري أنهى عنها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من أجل أنها كانت حمولة الناس فكره أن تذهب حمولتهم، أو حرم يوم خيبر لحم الحمر الأهلية - كما رواه البخاري.

.تحريم سباع البهائم والطير:

ومما حرمه الإسلام السباع من البهائم والطير.
روى مسلم عن ابن عباس قال: نهى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير.
والسباع جمع سبع وهو المفترس من الحيوان، والمراد بذي الناب ما يعدو بنابه على الناس وأموالهم مثل الذئب والاسد والكلب والفهد والنمر والهر، فهذه كلها محرمة عند جمهور العلماء.
ويرى أبو حنيفة أن كل ما أكل اللحم فهو سبع وأن من السباع الفيل والضبع واليربوع والهر، فهي كلها محرمة عنده.
ويرى الشافعي أن السباع المحرمة هي التي تعدو على الناس كالاسد والنمر والذئب.
وروى مالك في الموطإ عن أبي هريرة عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «أكل كل ذي ناب من السباع حرام».
وقال مالك بعد هذا الحديث: وعلى ذلك الأمر عندنا.
وروى ابن القاسم عنه أنها مكروهة، وبه أخذ جمهور أصحابه.
وأجاز أكل الثعلب الشافعي وأصحاب أبي حنيفة.
وأجاز ابن حزم الفيل والسمور.
ويحرم أكل القرد، قال أبو عمر: أجمع المسلمون على أنه لا يجوز أكل القرد لنهي الرسول، صلى الله عليه وسلم، عن أكله.
وأما ذو المخلب من الطير فالمقصود به الطيور التي تعدو بمخالبها مثل الصقر والشاهين والعقاب والنسر والباشق ونحو ذلك، فهي محرمة عند جمهور العلماء.
ويرى مالك أنها مباحة، ولو كانت جلالة.

.تحريم الجلالة:

والجلالة هي التي تأكل العذرة من الإبل والبقر والغنم والدجاج والاوز وغيرها حتى يتغير ريحها.
وقد ورد النهي عن ركوبها وأكل لحمها وشرب لبنها.
1- فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «نهى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن شرب لبن الجلالة» رواه الخمسة إلا ابن ماجه وصححه الترمذي.
وفي رواية «نهى عن ركوب الجلالة» رواه أبو داود.
2- وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم قال: «نهى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن لحوم الحمر الأهلية وعن الجلالة: عن ركوبها وأكل لحومها» رواه أحمد والنسائي وأبو داود.
فإن حبست بعيدة عن العذرة زمنا وعلفت طاهر فطاب لحمها وذهب اسم الجلالة عنها حلت.
لان علة النهي التغيير وقد زالت.